رحلة اللجوء ومتاعبها
يتزايد عدد السوريين الذين يحاولون بشتى الطرق اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي بهدف الحصل على حياة كريمة وآمنة.. غير أن كثيرا منهم لا يملكون أدنى فكرة عما سيواجهونه أو كيف سيتعاملون مع ظروف اللجوء..
قالت إحدى الهاربات إلى ألمانيا: "لم أكن أعرف أن الوضع سيكون هكذا.. كل ما كنت أراه أن البعض يقولون فجأة وصلنا إلى البلد الفلاني ثم يختفون فترة من الزمن ويعودون ليقولوا: كل شيء على ما يرام وقد بدأنا بالاستقرار"..
الواقع أن هناك تفاصيل كثيرة يجب أن يعرفها الراغبون في الهجرة، فقد ازدهر تهريب البشر إلى درجة جعلت كثيرين يزعمون أنهم مهربون كي يحصلوا على مبالغ مالية يجمعون من ورائها ثروة..
غالبا ما يكون طريق الهروب هو عبر تركيا، وأحيانا مدينة الاسكندرية في مصر.. هناك عشرات وربما مئات من أشخاص يزعمون أنهم قادرون على توفير وسيلة تسلل إلى الاتحاد الأوروبي عبر اليونان، لديهم معلومات وفيرة حصلوا عليها عن طريق الاطلاع أو الحديث إلى مهاجرين وصلوا فعلا إلى وجهاتهم.. وسائل التهريب تتم عبر طرق مختلفة تتراوح أسعارها، فهناك من يحملون الراغبين في قوارب منها البدائي ومنها المتطور قليلا، ينطلقون من مدينة ساحلية تركية عبر البحار إلى أول نقطة يونانية.. قبل الوصول إلى هذه النقطة يمرون عبر سواقي مائية ضيقة تأخذ شكل المستنقعات الموحلة المتعرجة وغير واضحة المعالم.. وباعتبار أن التهريب يتم في الظلام وأن العديد من هؤلاء المهربين غير متمرسين ولا يعرفون المنطقة جيدا، كثيرا ما يتيهون في المجهول..
ذكر أحد من خاضوا هذه التجربة أن قائد سفينتهم فقد القدرة على تبين ملامح طريقه، ولولا أن اللاجئ السوري كان يحمل هاتفا جوالا بخدمة الانترنت و"الجي بي إس" (نظام تحديد المكان عبر الأقمار الصناعية) لما تمكنوا من الوصول إلى البر، وذلك بعد رحلة استغرقت أكثر من 10 ساعات.. وأضاف إن مجموعة قطعت نفس الدرب ولم يكن معها "جي بي إس" بقي أفرادها ضائعين أربعة أيام ومنهم من مات إرهاقا وجوعا..
من يتم القبض عليه في هذه النقطة اليونانية يعيدونه إلى تركيا، ومن يتمكن من الوصول إلى العاصمة أثينا يكون قد حصل عبر المهربين على جواز سفر مزور يعود لأي شخص يشبه حامل الجواز كي يستخدمه في السفر إلى مدينة أوروبية أخرى.. كثيرون يكتشفهم ضباط الجوازات فيعودون أدراجهم للحصول على جواز سفر آخر إلى أن يصلوا إلى الوجهة التي يريدون..
وهناك من يحصل على جواز السفر في تركيا فيسافر بواسطته إلى الجزائر، لا أدري لماذا الجزائر تحديدا، ربما يكون هناك من يتعاون هناك مقابل مبالغ مالية فيغض الطرف عما يحدث، ومن ثم يسافر اللاجئ إلى مقصده.. غير أن هذه الطريقة هي الأكثر كلفة.. وهناك من يسافر من مصر ويعبر البحر من الاسكندرية إلى جنوب إيطاليا، ولا أدري كيف تغفل الشرطة والمخابرات المصرية عن هؤلاء، ولكن من يدري، ربما يكون هناك مستفيدون أيضا ضمن هذا المجال..
http://www.youtube.com/watch?v=tECcMzZwxwY&feature=youtu.be
http://www.youtube.com/watch?v=tECcMzZwxwY&feature=youtu.be
من يتمكن من الوصول إلى الشواطئ الاوروبية من دون أن يبتلعه البحر يبدأ بالسفر بوسيلة أو أخرى، سيرا عبر البراري مسافات طويلة أو بواسطة القطارات وغيرها.. يختار الغالبية بلادا في الشمال: السويد، النرويج، ألمانيا، هولندا.... وعندما يطلبون اللجوء يتم فرزهم إلى معسكرات جماعية تضم أعدادا من لاجئين قادمين من دول عديدة، كالصومال وأريتريا، وقد يقيم الشخص في غرفة من 4 أو 5 غرباء من بيئات مختلفة، قد يكونون غير نظيفين أو فوضويين أو كثيري الضجيج..
يقول أحدهم إن الغرفة التي منحت لهم للنوم والإقامة في الفترة الموقتة ريثما يتم البت في أوراق لجوئهم كانت قذرة وسيئة الرائحة، وكانت الأسرّة متسخة علقت فيها بقع مختلفة وتنبعث منها روائح كريهة.. كان على مستخدمي هذه الغرف تقبل الأمر الواقع والتحمل ريثما تقوم السلطات بفرزهم إلى مناطق أخرى في البلاد..
بعد الانتظار فترة تتراوح بين أسبوعين و4 أسابيع يتم نقل المهاجرين إلى أماكن أكثر استقرارا، مهيئة لإقامة اللاجئين، لكن وضع الغرف يصبح أفضل قليلا.. من هنا على اللاجئ انتظار استدعائه للتحقيق، وبناء على إفادته يقرر القاضي أو المسؤول فيما إذا كان هذا الشخص يستحق الحصول على الإقامة والمعونات المالية التي ستقدمها الحكومة..
هناك أنواع للجوء.. كثيرون يعتقدون أنهم حصلوا على لجوء سياسي في أوروبا، لكن الواقع هو غير ذلك.. فشروط الحصول على اللجوء السياسي صعبة ومحددة، واللاجئ السياسي غالبا ما يوضع تحت المراقبة ويمنع من العمل في الفترات الأولى.. اللجوء السياسي يتطلب أن يكون الشخص منتسبا إلى حزب سياسي معارض ومحظور في بلاده، أو أن يكون له رؤى سياسية قوية مختلفة عن الحكومة الهارب منها، هذه الرؤية والتصريحات السياسية تجعله مطاردا من الأمن في بلاده الأصلية وتضع حياته تحت خطر الموت..
أغلب الهاربين من سوريا يحصلون على لجوء إنساني، بمعنى أن دولة مثل ألمانيا مثلا تحتويهم خلال الفترة التي تكون فيها بلادهم في حالة حرب وانعدام الأمان وعدم الاستقرار وخطورة على الحياة.. في هذه الحالة من حق الدولة عندما تنتهي الحرب في البلد الأصلي أن تعيد من تشاء إلى بلاده وتنهي إقامة اللاجئ باعتبار أن أسباب اللجوء لم تعد قائمة.. وقد سبق لألمانيا أن أعادت آلافا لجأوا من البوسنة والهرسك بعد أن انتهت الحرب فيها..
بعد أن يتمكن اللاجئ من العثور على سكن تحدد السلطات مساحته وقيمة أجرته، يبدأ في محاولة التفاعل مع المجتمع الجديد.. في ألمانيا وغيرها يتحتم على اللاجئ تعلم لغة البلاد التي تؤويه، وهذه أولوية.. ثم تأتي مسألة التعود على الطقس المختلف والبارد في أغلب الأحيان، وكثيرا ما أصيب القادمون بأمراض متعلقة بنزلات البرد وتوابعها.. كما يبدأ اللاجئ بالبحث عن المحلات التي يستطيع أن يشتري طعامه منها، وكيف سيفهم أي نوع من الطعام يحتوي على لحم خنزير محرم في الإسلام مثلا أو الكحول وغير ذلك..
خلال هذه الفترة يعاني اللاجئون من الضياع وعدم القدرة على التفاهم مع محيطهم، ويحتاجون إلى مترجم لا يكون متوفرا كل الوقت.. إضافة إلى ضرورة التعرف على الأسلوب الأمثل في التعامل مع شعب الدولة المضيفة باختلاف عقلياتهم وعاداتهم.. وكلما أسرع اللاجئ في التعرف على عادات البلد المضيف وأظهر احتراما لها كلما لقي احتراما من قبل موظفي الحكومة الذين ينظمون أموره.. ولهذا من المهم جدا لأي شخص يود اللجوء إلى دولة ما، أن يطلع قدر الإمكان قبل سفره على طريقة الحياة هناك، إما عبر سؤال أشخاص يقيمون فيها منذ فترة، أو عبر البحث في الانترنت، أو عبر سرعة الدخول في مدرسة اللغة التي تعطي فكرة عن طبيعة المجتمع الجديد..
أما الحالمون بالهجرة إلى أمريكا فالوضع هناك يختلف كليا.. إذ ينبغي على المهاجر إذا استطاع الوصول إلى هناك أن يتكفل بنفقاته المالية بشكل كامل إضافة إلى رسوم يدفعها للمحامي الذي يتولى شؤون أوراقه.. الهجرة إلى أمريكا تكلف كثيرا لكن فرص العمل قد تكون أكبر من تلك المتوفرة في أوروبا..
هناك تفاصيل كثيرة قد لا تتسع المساحة لذكرها، لكن تبقى لكل حالة خصوصيتها وظروفها، ويبقى أن يعرف من يسعى للجوء أن إقامته في دولة أوروبية لا تعني بالضرورة أنه يهرب إلى أرض الأحلام، بل هو يبدأ في رحلة معاناة من نوع آخر، ميزتها الوحيدة أنها ليست تحت القصف والتدمير..
يقول أحدهم إن الغرفة التي منحت لهم للنوم والإقامة في الفترة الموقتة ريثما يتم البت في أوراق لجوئهم كانت قذرة وسيئة الرائحة، وكانت الأسرّة متسخة علقت فيها بقع مختلفة وتنبعث منها روائح كريهة.. كان على مستخدمي هذه الغرف تقبل الأمر الواقع والتحمل ريثما تقوم السلطات بفرزهم إلى مناطق أخرى في البلاد..
بعد الانتظار فترة تتراوح بين أسبوعين و4 أسابيع يتم نقل المهاجرين إلى أماكن أكثر استقرارا، مهيئة لإقامة اللاجئين، لكن وضع الغرف يصبح أفضل قليلا.. من هنا على اللاجئ انتظار استدعائه للتحقيق، وبناء على إفادته يقرر القاضي أو المسؤول فيما إذا كان هذا الشخص يستحق الحصول على الإقامة والمعونات المالية التي ستقدمها الحكومة..
هناك أنواع للجوء.. كثيرون يعتقدون أنهم حصلوا على لجوء سياسي في أوروبا، لكن الواقع هو غير ذلك.. فشروط الحصول على اللجوء السياسي صعبة ومحددة، واللاجئ السياسي غالبا ما يوضع تحت المراقبة ويمنع من العمل في الفترات الأولى.. اللجوء السياسي يتطلب أن يكون الشخص منتسبا إلى حزب سياسي معارض ومحظور في بلاده، أو أن يكون له رؤى سياسية قوية مختلفة عن الحكومة الهارب منها، هذه الرؤية والتصريحات السياسية تجعله مطاردا من الأمن في بلاده الأصلية وتضع حياته تحت خطر الموت..
أغلب الهاربين من سوريا يحصلون على لجوء إنساني، بمعنى أن دولة مثل ألمانيا مثلا تحتويهم خلال الفترة التي تكون فيها بلادهم في حالة حرب وانعدام الأمان وعدم الاستقرار وخطورة على الحياة.. في هذه الحالة من حق الدولة عندما تنتهي الحرب في البلد الأصلي أن تعيد من تشاء إلى بلاده وتنهي إقامة اللاجئ باعتبار أن أسباب اللجوء لم تعد قائمة.. وقد سبق لألمانيا أن أعادت آلافا لجأوا من البوسنة والهرسك بعد أن انتهت الحرب فيها..
بعد أن يتمكن اللاجئ من العثور على سكن تحدد السلطات مساحته وقيمة أجرته، يبدأ في محاولة التفاعل مع المجتمع الجديد.. في ألمانيا وغيرها يتحتم على اللاجئ تعلم لغة البلاد التي تؤويه، وهذه أولوية.. ثم تأتي مسألة التعود على الطقس المختلف والبارد في أغلب الأحيان، وكثيرا ما أصيب القادمون بأمراض متعلقة بنزلات البرد وتوابعها.. كما يبدأ اللاجئ بالبحث عن المحلات التي يستطيع أن يشتري طعامه منها، وكيف سيفهم أي نوع من الطعام يحتوي على لحم خنزير محرم في الإسلام مثلا أو الكحول وغير ذلك..
خلال هذه الفترة يعاني اللاجئون من الضياع وعدم القدرة على التفاهم مع محيطهم، ويحتاجون إلى مترجم لا يكون متوفرا كل الوقت.. إضافة إلى ضرورة التعرف على الأسلوب الأمثل في التعامل مع شعب الدولة المضيفة باختلاف عقلياتهم وعاداتهم.. وكلما أسرع اللاجئ في التعرف على عادات البلد المضيف وأظهر احتراما لها كلما لقي احتراما من قبل موظفي الحكومة الذين ينظمون أموره.. ولهذا من المهم جدا لأي شخص يود اللجوء إلى دولة ما، أن يطلع قدر الإمكان قبل سفره على طريقة الحياة هناك، إما عبر سؤال أشخاص يقيمون فيها منذ فترة، أو عبر البحث في الانترنت، أو عبر سرعة الدخول في مدرسة اللغة التي تعطي فكرة عن طبيعة المجتمع الجديد..
أما الحالمون بالهجرة إلى أمريكا فالوضع هناك يختلف كليا.. إذ ينبغي على المهاجر إذا استطاع الوصول إلى هناك أن يتكفل بنفقاته المالية بشكل كامل إضافة إلى رسوم يدفعها للمحامي الذي يتولى شؤون أوراقه.. الهجرة إلى أمريكا تكلف كثيرا لكن فرص العمل قد تكون أكبر من تلك المتوفرة في أوروبا..
هناك تفاصيل كثيرة قد لا تتسع المساحة لذكرها، لكن تبقى لكل حالة خصوصيتها وظروفها، ويبقى أن يعرف من يسعى للجوء أن إقامته في دولة أوروبية لا تعني بالضرورة أنه يهرب إلى أرض الأحلام، بل هو يبدأ في رحلة معاناة من نوع آخر، ميزتها الوحيدة أنها ليست تحت القصف والتدمير..
No comments:
Post a Comment