حين صارت ماليزيا أفضل من سوريا!
"ماليزيا.. آسيا الحقيقية" أو Malaysia Truly Asia، إعلان تلفزيوني يمر ضمن جملة إعلانات نشاهدها بين الوقت والآخر.. إعلان يحوي صورا جميلة وجذابة تدعو للسياحة في هذا البلد الآسيوي القريب من خط الاستواء.. وعندما تسافر إلى هناك لا تجد فعليا من الناحية السياسية ما يبهرك!
فهي ليست نيويورك في صخبها وتحررها، ولا أوروبا أو الشرق الأوسط في معالمهم التاريخية العريقة، ولا دبي في بذخها ورفاهيتها المبالغ فيها، ولا شواطئ الكاريبي في الرمل الابيض الناعم ومياه البحر الصافية..
الغروب في جزيرة لانكاوي |
عندما زار رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد سوريا في خمسينيات القرن الماضي قال: أريد أن تصبح ماليزيا مثل سوريا.. فكيف تبدو ماليزيا؟
إنها دولة مغرقة في البساطة والهدوء حصلت على الاستقلال في صيف عام 1957 وتوحدت ولاياتها بعد ذلك على أرض مساحتها أكثر من 300 ألف كيلومتر مربع ونظام الحكم فيها ملكي دستوري.. تتنوع ثرواتها بين المنتجات الزراعية والقصدير والبترول، غير أنها صارت خلال فترة سريعة دولة تجارية وصناعية تصنف بين أكثر 8 دول إسلامية نموا، ساعدها في ذلك استثمارات يابانية وكورية جنوبية متميزة، واليوم هي من أكبر مصنعي الأقراص الصلبة الحاسوبية.. ورغم معاناة اقتصادية مرت بها أواخر القرن الماضي إلا أنها رفضت مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتعلمت من خبرات اقتصادية عالمية فعاد اقتصادها للانتعاش، وصارت من أرقى الجهات تعليميا وصحيا في المنطقة واستقرت عملتها استقرارا لافتا وغدت قوية وثابتة..
عدد سكانها يدور في فلك 30 مليون نسمة يدين نحو 60% منهم بالإسلام وأغلبهم من العرق المالاوي، ونحو 20% بالبوذية و9% بالمسيحية وأكثر قليلا من 6% بالهندوسية.. أما عرقيا فيشكل المالاويون نحو 50% والصينيون نحو 22% والبومبيوترا نحو 11% والهنود نحو 6 ونصف في المئة، وغير ذلك.. جميعهم يتعايشون بسلام وهدوء ويعملون سويا بشكل منظم لتطوير البلاد.. امتزجت بين سكان ماليزيا الثقافة الإسلامية وأخلاقها في التعامل مع الآخر بالثقافة البوذية الروحانية التي تميل إلى السلام، فبدا الجميع هناك مطمئنين داخليا..
ومنذ أن قررت حكومات ماليزيا محاربة الفقر اختلف المشهد في هذه البلاد، فزائرها لا يصادف متسولين ولا يرى مظاهر بؤس أو فقر شديد، بل نظافة في المساكن والشوارع والمطاعم (على تواضع أكثرها)، والتزام بقوانين السير والعمل والحياة المجتمعية.. صحيح أنه يلاحظ تواضع أكثر المساكن لكن من اللافت أن الجميع راض بقسمته ورزقه ويسعى للإبقاء عليه وتحسينه بالعمل الدؤوب، بابتسامة وإيمان وثقة..
هناك سمات لافتة في الشعب الماليزي يلحظها الزائر، فهم لا يكذبون بشكل عام، وغير نصابين أو غشاشين، إذ عندما تسأل سائق التاكسي الذي ليس لديه عداد في سيارته مثلا كم يكلف المشوار إلى المكان الفلاني ويطلب منك مبلغا معينا، ستجد الجميع غيره يطلبون نفس المبلغ لا يزاودون على بعضهم البعض.. بالطبع تختلف قليلا أسعار الخدمات المؤمنة عن طريق فنادق الخمس نجوم لكن الفارق يبقى معقولا.. فيما عدا ذلك لا ينتشر الفساد ولا مجال هناك للفصال، إذ إن الأسعار ثابتة ومعقولة، محددة بالضريبة ورسوم الخدمة..
المسلمون ملتزمون ومعتدلون، ولديهم خط تنظيمي هادئ، لا يتحكم فيهم التطرف ولا يسيئون لفظيا أو فعليا للنساء السافرات، يحترمون الحرية الشخصية طالما أن الإنسان لا يخترق القانون ولا يزعج الآخرين.. وهم يتفهمون أن الانفتاح السياحي في بلادهم يعني تعددا في نوعيات الزائرين، وهكذا صار الهدوء الاجتماعي سمتهم، بالترافق مع حب لوطنهم وملكهم وقيادتهم التي لم تقصر في تحقيق الأفضل للبلاد..
بعد ذلك سيتساءل البعض: ما هو سر التطور في النمو والاقتصاد والعمران، وماذا يميز هذه البلاد عنا؟
إنه حبهم للسلام ونظرهم للمستقبل ومعرفتهم كيف يختارون حلفاءهم، وابتعادهم عن الأنانية الفردية مقابل الصالح العام والتفافهم حول حكومتهم حتى لو أخطأت، فهم قادرون على محاسبتها بالقانون والعمل المؤسساتي..
باختصار، إنه الشعب..
إنها دولة مغرقة في البساطة والهدوء حصلت على الاستقلال في صيف عام 1957 وتوحدت ولاياتها بعد ذلك على أرض مساحتها أكثر من 300 ألف كيلومتر مربع ونظام الحكم فيها ملكي دستوري.. تتنوع ثرواتها بين المنتجات الزراعية والقصدير والبترول، غير أنها صارت خلال فترة سريعة دولة تجارية وصناعية تصنف بين أكثر 8 دول إسلامية نموا، ساعدها في ذلك استثمارات يابانية وكورية جنوبية متميزة، واليوم هي من أكبر مصنعي الأقراص الصلبة الحاسوبية.. ورغم معاناة اقتصادية مرت بها أواخر القرن الماضي إلا أنها رفضت مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتعلمت من خبرات اقتصادية عالمية فعاد اقتصادها للانتعاش، وصارت من أرقى الجهات تعليميا وصحيا في المنطقة واستقرت عملتها استقرارا لافتا وغدت قوية وثابتة..
عدد سكانها يدور في فلك 30 مليون نسمة يدين نحو 60% منهم بالإسلام وأغلبهم من العرق المالاوي، ونحو 20% بالبوذية و9% بالمسيحية وأكثر قليلا من 6% بالهندوسية.. أما عرقيا فيشكل المالاويون نحو 50% والصينيون نحو 22% والبومبيوترا نحو 11% والهنود نحو 6 ونصف في المئة، وغير ذلك.. جميعهم يتعايشون بسلام وهدوء ويعملون سويا بشكل منظم لتطوير البلاد.. امتزجت بين سكان ماليزيا الثقافة الإسلامية وأخلاقها في التعامل مع الآخر بالثقافة البوذية الروحانية التي تميل إلى السلام، فبدا الجميع هناك مطمئنين داخليا..
ومنذ أن قررت حكومات ماليزيا محاربة الفقر اختلف المشهد في هذه البلاد، فزائرها لا يصادف متسولين ولا يرى مظاهر بؤس أو فقر شديد، بل نظافة في المساكن والشوارع والمطاعم (على تواضع أكثرها)، والتزام بقوانين السير والعمل والحياة المجتمعية.. صحيح أنه يلاحظ تواضع أكثر المساكن لكن من اللافت أن الجميع راض بقسمته ورزقه ويسعى للإبقاء عليه وتحسينه بالعمل الدؤوب، بابتسامة وإيمان وثقة..
هناك سمات لافتة في الشعب الماليزي يلحظها الزائر، فهم لا يكذبون بشكل عام، وغير نصابين أو غشاشين، إذ عندما تسأل سائق التاكسي الذي ليس لديه عداد في سيارته مثلا كم يكلف المشوار إلى المكان الفلاني ويطلب منك مبلغا معينا، ستجد الجميع غيره يطلبون نفس المبلغ لا يزاودون على بعضهم البعض.. بالطبع تختلف قليلا أسعار الخدمات المؤمنة عن طريق فنادق الخمس نجوم لكن الفارق يبقى معقولا.. فيما عدا ذلك لا ينتشر الفساد ولا مجال هناك للفصال، إذ إن الأسعار ثابتة ومعقولة، محددة بالضريبة ورسوم الخدمة..
مركز لتحفيظ القرآن لتلاميذ المدارس كوالالمبور |
المسلمون ملتزمون ومعتدلون، ولديهم خط تنظيمي هادئ، لا يتحكم فيهم التطرف ولا يسيئون لفظيا أو فعليا للنساء السافرات، يحترمون الحرية الشخصية طالما أن الإنسان لا يخترق القانون ولا يزعج الآخرين.. وهم يتفهمون أن الانفتاح السياحي في بلادهم يعني تعددا في نوعيات الزائرين، وهكذا صار الهدوء الاجتماعي سمتهم، بالترافق مع حب لوطنهم وملكهم وقيادتهم التي لم تقصر في تحقيق الأفضل للبلاد..
مخطوطة الشهناما الشهيرة في المتحف الإسلامي كوالالمبور |
بعد ذلك سيتساءل البعض: ما هو سر التطور في النمو والاقتصاد والعمران، وماذا يميز هذه البلاد عنا؟
إنه حبهم للسلام ونظرهم للمستقبل ومعرفتهم كيف يختارون حلفاءهم، وابتعادهم عن الأنانية الفردية مقابل الصالح العام والتفافهم حول حكومتهم حتى لو أخطأت، فهم قادرون على محاسبتها بالقانون والعمل المؤسساتي..
باختصار، إنه الشعب..
الحقوق محفوظة
No comments:
Post a Comment