Monday, June 15, 2015


نحن السنّة!


عنوان صادم؟! لكنه واقع اليوم!

لم يسبق أن صرخ أبناء المذهب السني يطالبون بحقوق ترتبط بمذهبهم الديني مقابل مذاهب الآخرين الدينية. إذ إن خلاف علي ومعاوية كان سياسيا، وخلاف الحسين ويزيد كان سياسيا، وقتال صلاح الدين للصليبيين كان على خلفية احتلال ومجازر، وقتال المماليك للتتار كان ايضا على خلفية مجازر واحتلال. مقاومة الأفغان للاتحاد السوفياتي كانت ضد احتلال، ومقاومة الشيشان لروسيا كانت تعود إلى مظالم مدنية (وإن كانت مقاومة الأفغان والشيشان تحولت إلى تطرف نتيجة قسوة وإجرام الروس)، وحمل البوسنيين للسلاح جاء نتيجة مذابح الصرب تجاههم بعد أن تم تهميشهم وحرمانهم من حقوق المواطنة. في المقابل يعاني المسلمون السنة ظلما وتطهيرا في مناطق في الصين، وفي ميانمار (بورما)، وفي دول أفريقية عدة، وفي إيران (على قلتهم)، والآن في العراق يحملون على كواهلهم ذنوب صدام حسين ويعاقبون عليها إلى أجيال أبناء أبنائهم، ويذبحون بصمت ويفرون من بلادهم وأراضيهم بصمت.

كان السنة دائما مطمئنين في بلدانهم المختلفة، ولم يشكل لهم وجود طوائف أخرى معهم أي مشكلة لأن الأغلبية عادة لا تخشى على وجودها وحقوقها، ولأن من تعاليم المذهب السني حسن الظن بالناس، وفي الواقع هذا هو الخطأ الذي أصابهم في مقتل. فتبعا لاطمئنانهم وارتكانهم إلى عددهم الكبير الذي يتجاوز المليار إنسان لم يبحثوا عن مرجعية يحتكمون إليها ويعودون إليها في أمورهم، ولم ينتظمون سياسيا تحت مظلة واحدة، خصوصا وأنهم ينتمون إلى مختلف الأعراق والألوان ويتحدثون بكثير من اللغات ويترعرعون في بيئات متباينة. ولم تكن منظمة التعاون الإسلامي أكثر من واجهة فاسدة مشرذمة لا تهتم بالمصلحة العامة، بل ترهن أمرها وشؤونها إلى المهيمنين على الخط السياسي في العالم، شأنها في ذلك شأن الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وغيرها.

هذا التقصير الشديد هو ما جعل بقية المذاهب بل والطوائف والأديان المختلفة تتفوق على أتباع المذهب السني، فالآخرون يتوحدون تحت قيادة واحدة وراية واحدة كل حسب انتمائه ويسيرون خلف قياداتهم، حتى في حالة أديان كالهندوسية والبوذية والتي تصل أعداد أتباعها إلى مئات الملايين، ولا داعي لذكر أتباع الديانة اليهودية بالطبع، وجميعهم يتلقون الرعاية والحماية من قوى الاستعمار الجديد.
وقد جاءت شرارة ما يحدث في سوريا في ظل هيمنة طائفة معينة على مقدرات البلد وشؤون الحكم لفترة طويلة ومن ثم تنفيذ عمليات إبادة جماعية شاملة في مذابح بشعة تقشعر لها الأبدان، لتؤجج نيرانا تضيء العتمة وتفضح المستور.

ليس في الأمر سر، ولا هو جديد أن السوريين بجميع شرائحهم انتفضوا في عام 2011 طلبا للحرية والعدالة وحقوق المواطنة. وهي مطالب مشروعة في أي مكان في العالم وفي أي شرعة ومنهاج. غير أن العصابة التي كانت تحتجز البلاد في الأسر أبت إلا أن تنكل في الثورة الإنسانية وأن تنفخ في عنصر الطائفية البغيض من خلال المذابح والقتل والفيديوهات والتعذيب في السجون، حتى انتشر التطرف والحقد والغل في قلب الضحية، واختفت مطالب الحرية والعدالة والكرامة لحساب الاصطفافات المذهبية والطائفية.
خلال أكثر من أربع سنوات توالى سقوط الضحايا بأرقام مذهلة، أكثرهم ينتمون إلى الأغلبية السنية في سوريا، توقف خلال هذه المدة سياسيو العالم الواحد تلو الآخر عن الشجب والاستنكار والإدانة لأي مذبحة جديدة أو عملية وحشية توقع قتلى، غير أن هؤلاء السياسيين أنفسهم كانوا يسارعون بالصراخ والاستنكار عندما تقع حوادث خاطفة يقع خلالها عدد من الضحايا التابعين لمذاهب أخرى كالإيزيديين أوالدروز أوالشيعة.

بالطبع غني عن القول إن قتل أي بريء مهما كان انتماؤه ودينه أمر مرفوض بشكل قاطع، وتنهى عنه الشرائع والقوانين في كل زمان ومكان، لكن من العهر أن يستفيق العالم على صراخ ضحية غير سنية ثم يعود إلى النوم بينما يطرب لسماع آهات المعذبين والضحايا من السنة في سوريا وكذلك العراق.
من هذا المنطلق وتحت هذه الظروف نصرخ نحن السنة الذين يغرز العالم سكاكينه في أجسادنا.
من هذا المنطلق نحمل هذا العالم المسؤولية الكاملة عن ظهور تنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش تستند في دعواتها إلى ما يعانيه السنة من ظلم وجور وطغيان، ثم تتابع تنكيلها بالمعتدلين من أبناء السنة أنفسهم.
من هذا المنطلق نطالب نحن السنة بضمانات لسلامتنا وحقوقنا الإنسانية، ولسنا نحن من يطالبه العالم بتقديم ضمانات لحفظ سلامة الآخرين، فالآخرون (من طوائف ومذاهب ومتطرفين) هم من يذبحون السنة وليس العكس، والآخرون هم من يطمئنون لحماية العالم لهم ولوجودهم، وليس السنة. إلا إذا كان العالم بأسره يستهدف أبناء المذهب السني تحديدا دون غيرهم!

No comments:

Post a Comment