Saturday, May 23, 2015



الفارق بين الأسد الأب والأسد الابن

مقال لافت كتبه "خير الله خير الله" في جريدة الرأي، أخطر ما فيه أنه يوضح كيف يأخذ بشار الأسد سوريا معه إلى الهاوية بتنفيذه تهديداته الشهيرة وأهمها "الأسد أو نحرق البلد" وما كرره في مقابلاته وخطاباته من أن سقوطه سيأخذ البلد إلى المجهول وسيحرق المنطقة وغير ذلك.
إن استمرار بشار الأسد في الحكم رغم المؤشرات الواضحة على نهاية حكمه، وإصراره على تخريب سوريا بشكل كامل قبل رحيله يدل بما لا يقبل الشك على أن سوريا لم تعن له شيئا يوما ما، ولم يشعر يوما بالانتماء إلى وطن بقدر ما كان يحقق مصالحه ومصالح عائلته المتمثلة في تكديس المليارات من الدولارات واستعباد الشعب.
التالي هو نص المقال والرابط الأصلي له:

ما الفارق بين حافظ الأسد وبشّار الأسد؟ لماذا صار مطروحا في الأيّام الأخيرة من حكم بشّار سؤال مرتبط بالمستقبل الذي ينتظر سورية بعد سقوط النظام الذي عاش، إلى الآن، خمسة وأربعين عاماً وقد يعيش أكثر؟ قد يعيش هذا النظام أشهرا أخرى. من الصعب التكهن بموعد النهاية، على الرغم من أنّ النظام انتهى.

مرّة أخرى، الثابت أن النظام انتهى. لكن الثابت أيضا أن سورية لن تبقى موحدة، ذلك أن ما كان يمكن أن يكون دولة ناجحة في المنطقة، تحوّل إلى دولة فاشلة بكلّ المقاييس.

ما نشهده اليوم ليس نهاية سورية بمقدار ما أنّه نهاية للشرق الأوسط الذي عرفناه والذي كانت سورية لاعبا أساسيا فيه. كانت لاعبا أساسيا. لكنّها كانت في الحقيقة لاعبا سلبيا نظرا إلى أن النظام فيها كان نظاما عاجزا في مجال البناء. لم يكن قادرا سوى على ممارسة لعبة الابتزاز، في غياب قدرته على الحرب أو على السلام.

في الشرق الأوسط الذي عرفناه، كانت سورية في كلّ وقت من الأوقات الرجل المريض فيه، خصوصا أنه كانت دائما لدى المسؤولين السوريين عقدة العظمة ووهم الدور الإقليمي الذي كان يسكن العقول المريضة لزعماء سورية، من حسني الزعيم... إلى حافظ الأسد وصولا إلى خليفته الذي سلّم سورية إلى ايران.

ما فعله النظام، الذي لم يدرك أنّ دوره انتهى منذ فترة طويلة، أي يوم سقوط جدار برلين في خريف العام 1989، كان العمل على خطيّن. الأوّل التمديد لنفسه عبر العثور على شريان حياة جديد، والآخر القضاء على الكيان السوري.

عرف حافظ الأسد كيف يجد شريان حياة جديد لنظامه بعد انتهاء الحرب الباردة. في المقابل، عرف بشّار الأسد كيف يجعل الكيان السوري ينتهي في اليوم الذي ينتهي فيه النظام. يقول صديق سوري إن المكان الوحيد الذي كان بشّار الأسد صادقا فيه هو عندما قال إن نهاية النظام تعني نهاية سورية. قال عبارة «الأسد أو لا أحد».

لكلّ من الأسد الأب والأسد الابن طريقته الخاصة في التعبير عن عبقريته بالمعنى السلبي للكلمة. في العام 1990، استغلّ حافظ الأسد الحرب التي شنّها غريمه صدّام حسين على الكويت إلى أبعد حد، حيث وجد في الحرب على الكويت فرصة لا تعوّض، فانضم إلى حرب تحرير الكويت التي قادها الجنرال الأميركي شوارزكوف.

استفاد حافظ الأسد طويلا من غباء البعثي الآخر الذي كان يحكم العراق بطريقة لا تختلف في شيء عن حكم الأسد الأب لسورية. في العراق، كان هناك نظام عائلي ـ بعثي، وفي سورية كان هناك نظام علوي يستخدم البعث غطاء. ما لبث النظام السوري في عهد الأسد الابن أن تحوّل إلى نظام عائلي ـ بعثي على طريقة ما كان عليه نظام صدّام، وذلك عندما اختزل بشّار الأسد العلويين بثلاث عائلات هي عائلته وعائلة مخلوف وعائلة شاليش مع متفرعات عن هذه العائلات تُرك لها شيء من فتات السلطة والثروة مع بعض العائلات السنّية التي كانت تشكل جزءا من الديكور الخارجي للنظام.

التقط حافظ الأسد فرصة الحاجة الأميركية إلى مشاركة عربية في حرب تحرير الكويت من الظلم الذي لحق بها. التحق بالتحالف الدولي الذي خاض حرب إخراج صدّام من الكويت. أعاد بذلك العلاقة مع الأميركيين الذين جدّدوا له الوصاية على لبنان في مرحلة مع بعد اتفاق الطائف الذي وقّع في خريف العام 1989. استفاد الأسد الأب أيضا من غبيّ آخر، لبناني هذه المرّة، اسمه ميشال عون كان يحتلّ قصر بعبدا. وفّر ميشال عون للأسد فرصة دخول القصر الرئاسي ووزارة الدفاع اللبنانية القريبة منه وذلك للمرّة الأولى منذ حصول لبنان على استقلاله.

عرف حافظ الأسد كيف يلعب أوراقه. عرف خصوصا كيف يكون حاجة أميركية وعربية وإسرائيلية في الوقت ذاته. لم يكن لدى إسرائيل في أي يوم من الأيام اعتراض على بقاء جبهة جنوب لبنان مفتوحة وجرحا دائم النزيف.

ما يجمع بين الأسد الأب والأسد الابن هي تلك الحاجة الدائمة إلى الهروب إلى الخارج السوري. استند حافظ الأسد في هروبه إلى توازنات معيّنة، من بينها علاقاته العربية التي ترافقت مع علاقة عميقة مع إيران. عرف كيف يخفي الطابع المذهبي لتلك العلاقة وتغليفها بشعارات ذات بعد عربي. أمّا بشّار الأسد، المعجب بـ«حزب الله» والجاهل لحقيقة مثل هذا النوع من الأحزاب المذهبية وطبيعة دورها، فقد غرق منذ البداية في فخّ العلاقة مع ايران. انتهى بكلّ بساطة أسير تلك العلاقة في بلد لا يمكن أن يقبل بالهيمنة الإيرانية بأي شكل.

بعيدا عن التوازنات الطائفية والمذهبية في سورية، وصل النظام إلى مرحلة لم تعد فيها فائدة من لعبة الهروب إلى الخارج. حاول بشّار منذ البداية ممارسة هذه اللعبة. أرسل، في مرحلة ما بعد اندلاع ثورة الشعب السوري قبل ما يزيد على أربع سنوات، لبنانيين وفلسطينيين من المساكين، إلى جنوب لبنان وإلى الجولان مهدّدا بفتح جبهة جديدة. لكنّ كلّ ذلك لم ينفع في شيء.

أراد حتّى الهروب إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لكنّه اكتشف في النهاية أنّ ساعة الحقيقة دقّت للنظام ولسورية في الوقت ذاته. كان في استطاعته الخروج باكرا من السلطة، لعلّ في الإمكان إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سورية. اختار للأسف الشديد تجاهل الواقع. عاش في عالم خاص به. عاش داخل فقاعة عزلته عن الواقع السوري وعن الواقعين العربي والعالمي. انفجرت الفقّاعة... انفجرت معها سورية.

لم يعد في الإمكان في الوقت الحاضر سوى المقارنة بين الوضعين السوري والليبي. تمثّل ليبيا، حيث لم يعد في الإمكان إعادة تركيب الدولة ومؤسساتها، المستقبل السوري. عرف الأسد الأب كيف يجدد طريقة للمدّ بحياة النظام. فشل الأسد الابن في ذلك. لن يذهب قبل أن تذهب معه سورية...إلى حيث ذهبت ليبيا معمّر القذّافي!

انتقم القذّافي من ليبيا والليبيين. لم يترك لهم بلدا يمكن حكمه بعدما مزق المجتمع الليبي وقضى على النسيج الاجتماعي في البلد ودمّر كلّ مؤسسات الدولة بطريقة منهجية.

هل سيبقى شيء من سورية يصلح لإعادة بناء دولة أو دويلات، أم كلّ شيء بات مهيّأً لحروب لا نهاية لها تمكّن بشار الأسد من القول إنّه انتقم من الشعب السوري الذي ذنبه الوحيد ارتكابه جريمة البحث عن بعض من كرامة.

http://www.alraimedia.com/Articles.aspx?id=590441

Friday, May 8, 2015


الفرق بين ديغول والحكام العرب

كان ذلك بعد المظاهرات التي عَمَّت شوارع باريس وبعض فرنسا، في ما سُمي يومَها "أحداث مايو/أَيار1968".
وفي 24 من ذلك الأَيّار، أعلن رئيس الجمهورية الجنرال شارل ديغول إجراء استفتاءٍ في الشهر التالي حول إصلاحات جامعية واجتماعية واقتصادية.
في الثلاثين من الشهر نفسه عاد فأَجّل موعد الاستفتاء بناءً على اقتراح رئيس وزرائه جورج بومبيدو، لمصادفة الفترة مع الانتخابات النيابية المقبلة.
وجرت الانتخابات وتتالت الانهماكات السياسية، إلى أن عَيَّنَ الجنرال ديغول موعد الاستفتاء في 27 أبريل/نيسان 1969، حول إصلاحات في مجلس النواب وبعض التشريعات الأُخرى، وَفْقاً للمادة الحادية عشرة من الدستور الفرنسي.   
وصرّح ديغول أنه، إن لمْ يَنَلْ موافقة الأكثرية من الشعب، سيستقيلُ من منصِبِه.
ظنَّ الكثيرون يومها أنّ ديغول، بتصريحه ذاك، يلتَمِس العاطفة الشعبية لقبول اقتراحاته الإصلاحية من الشعب الذي كان يرى في ديغول مُنقِذَ فرنسا، وباني فرنسا الحديثة، ومؤسسَ الجمهورية الخامسة فيها.
في اليوم التالي، 28 أبريل/نيسان، كانت نتيجة الاستفتاء: 52،41% قالوا  "لا" ، و47،59% قالوا  "نعم" .





حبسَت فرنسا أنفاسَها لترى ما سيكون قرار مُنقِذ فرنسا شارل ديغول.
وبعد عشر دقائق من منتصف الليل، صدَرَ عن "كولومبيه لي دوزيغليزبيانٌ موجَزٌ من سطرين، سمعَهُ الفرنسيون والعالم، جاء فيه حرفيـــــاً:-    
 "أُعلِنُ توَقُّفي عن مُمارسة مهامي رئيساً للجمهوريةيصبحُ هذا القرار نافذاً عند ظهر اليوم: 29 أبريل/نيسان 1969"... 

كان ذلك صوتَ الجنرال شارل ديغول.


وسادَ صمتٌ وَوُجومٌ في فرنســـا والعالــــــم.
لم يبك الشعب ولم يخرج إلى الشوارع يستعطف الرئيس كي يبقى، ولا غير ديغول رأيه قائلا إنه سيبقى تلبية لمطالب شريحة من الشعب، لم يكن في الأمر خداع أو عواطف، فقط قالت صناديق الاقتراع كلمتها وانتهى الأمر.

تولّى مَهامّ الرئاسة بالوكالة رئيسُ مَجلس الشعب آلان بوهير، حيث هيأ لانتخابات رئاسية أوصلت جورج بومبيدو إلى الإيليزية خلفاً لشارل ديغول الذي حَكَمَ فرنسا عَشرَ سنواتٍ ذهبية، ولم يورّث للرئاسة ابناً ولا صهراً ولا فرداً من عائلته أو حزبه أو مناصريه، ولَم يسعَ إلى التجديد ولا إلى التمديــــد.
انسحب الكبير شارل ديغول إلى داره في "كولومبيه لي دوزيغليز"، يُمضي سنته الأخيرة من حياته في سكينةٍ وهدوء.
وتُوُفِّيَ في السنة التالية (مساءً 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1970) تاركاً وَصِيَّتَين:
الأُولى ألاّ يحضرَ جنازتَهُ رؤساء ولا وزراء ولا سياسيون،
والأُخرى ألاّ يُحفَرَ على قبره إلاّ ما يلي: "شارل ديغول 1890-1970".

كانت هذه نبذةً عن عظيمٍ من العالم أنقذَ بلاده حتى إذا قالت له بلاده "لا"، انْحنى لِمجد فرنسا وانسحب إلى عُزلته احتراماً لِمشيئة الشعب.
فلو كان الاستفتاء بين مُمثّلي الشعب، لربما كانت اختلفَت النتيجة، لأن مُمثّلي الشعب قد يُدْلون بصوتهم تحت ضَغْطٍ أو قَسْرٍ أو مصلحة، فيَخونُون حاكِماً أو يَطعَنُون حليفاً... لكنّ ديغول كان يَعلَم أنّ مشيئةَ الشعب من مشيئة الله، وأنّ الحاكم العادل هو الذي يَنصاعُ إلى مشيئة الشعب إن كانت مُحِقّةً، وأنه، ببقائه القَسريّ في الحُكْم، يقهر غاصِباً تلك المشيئة!
نسخة منه الى:
كــافة الـــزعمــاء العــرب لأتخــاذ مــا يــلزم وأعلامنــا النتيجة!




 نـــزار  قبـــاني
 وقصيـــــدة "لن أعتزل"
كلما فكرت أن أعتزل السلطة..
ينهاني ضميري..
من ترى يحكم بعدي هؤلاء الطيبين؟
من سيشفي بعدي الأعرج..
والأبرص..
والأعمى..
ومن يحيي عظام الميتين؟
من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر؟
من ترى يرسل للناس المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟..
كلما فكرت أن أتركهم..
فاضت دموعي كغمــــامة..
وتوكلت على الله..
وقررت أن أركب الشعب..
من الآن الى يوم القيامة..