Saturday, June 11, 2016

لعبة "تيك تاك تو" مع بوتين

لماذا ليس لدى الولايات المتحدة أمل في وقف الحرب السورية


مقال كتبه ليون آرون في الفورين بوليسي وهذا تلخيص مترجم وليس ترجمة حرفية وذلك اختصارا للوقت

رابط المقال:

من بين الأمور التي تقف عائقا أمام جهود الغرب لوقف المذابح في سوريا والتخفيف من
 حدة أزمة اللاجئين تبرز هوة ضخمة في المواقف الأمريكية والروسية

بالنسبة لبوتين فإن سوريا هي جزء مهم وطويل الأمد من مشروع أيديولوجي وجيوسياسي. وبوتين ليس شخصا تسهل قراءته، إذ إنه تدرب جيدا في المخابرات السوفياتية السابقة كي جي بي، لكنه يعتبر أن نهاية حقبة الحرب الباردة جاءت نتيجة معاهدة مذلة لبلاده تشبه معاهدة فرساي تجاه ألمانيا، كما أنه يعتبر أن بوريس يلتسين وميخائيل غورباتشوف إما خائنين أو غبيين لقبولهما بأن تصبح بلادهما غير فاعلة في المجتمع الدولي، ولهذا كان هدف بوتين الأساسي بعد عودته إلى الكرملين عام 2012 هو الاهتمام بالجغرافيا السياسية والسياسة الخارجية.


وعلى الرغم من مبيعات روسيا العالية للنفط بين عامي 2010 و 2014 إلا أن النمو الاقتصادي لم يتحسن، حيث اعتبرت نسبة كبيرة من الشعب أن الحكومة عاجزة وفاسدة وتراجعت شعبية النظام الحاكم الذي لم يشأ أن يقوم بإصلاحات مؤسساتية ليبرالية، فما كان من بوتين إلا أن حول اللعب من الوتر الاقتصادي إلى الوتر الوطني.
لم تكن الولايات المتحدة سعيدة بوقوف الدب الروسي مجددا على قدميه وتمرده على ما يملى عليه في مجال السياسة الخارجية، لكن بوتين لم يكن لديه ما يخشاه فحقق شعبية واسعة لدرجة جعلت أحد المواطنين يقول: نعم أنا عبد لكني عبد لسيد الكون!

بعد أن هدأت حدة الصراع في أوكرانيا في أكتوبر/تشرين الأول 2015 حول بوتين جهوده إلى سوريا ووافق على ظهور بشار الأسد على شاشات التلفزة وهو يصافحه كحليف، وهذا ما يدل على أن الوجود الروسي في سوريا لن يكون محدد المدة. وما يعزز هذا الاعتقاد تصريح الجنرال فلاديمير ميخايلوف قائد القوة الجوية الروسية الذي أشار إلى أن سحب بعض الوحدات البرية الروسية من سوريا ليس مهما فهم يستطيعون العودة في أي وقت. وهكذا تستمر موسكو في تزويد الأسد بدعم جوي وصواريخ تكتيكية ودعم استخباراتي.

من هذا المنطلق فإن الزيارات المتكررة التي يقوم بها جون كيري وزير خارجية أوباما إلى روسيا لا تعدو كونها ترسيخ لشرعية الأسد كرئيس لسوريا وتقوية لصورة نفوذ الكرملين، وليس مهما ما يأتي من تصريحات بعد هذه اللقاءات. يضاف إلى ذلك المهزلة الغريبة المسماة مجموعة دعم وقف إطلاق النار في سوريا التي اجتمعت في فيينا والتي ربطت نفسها بخطط الأسد وبعدم القدرة على تقديم مساعدات إنسانية للمدن السورية. كل ذلك وجون كيري يجلس على الطاولة إلى جانب سيرغي لافروف الذي يستطيع رئيسه أن يوقف المذابح في مكالمة هاتفية مع الأسد لا تستمر أكثر من 30 ثانية، لكنه على العكس من ذلك قرر أن يساعد في قصف مدينة حلب على طريق تحويلها إلى ستالينغراد جديدة وليكرر فيها ما فعله لجروزني عاصمة الشيشان بين عامي 1999 و 2000.


في سوريا، يريد الغرب السلام، لكن بوتين يحتاج إلى انتصار، وهكذا فإن مصير المعارضة المؤيدة للغرب سيكون إما الهلاك أو انتزاع أسلحتها بالقوة كجزء من الشروط الروسية لتحقيق السلام، وسيوضع الأسد في مكان مقارنة مع تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وسيستمر في الحكم. أما روسيا فستعيد أمجاد الاتحاد السوفياتي وتعود مجددا لاعبا أساسيا لا مجال لتعويض مكانه في الشرق الأوسط.
لا مجال للحسابات الخاطئة، بوتين سيستمر حتى يحقق أهدافه إلا إذا تجاوزت كلفة الحملة فوائدها.
وأمريكا بحسب تصريح وزير خارجيتها لا ترى تهديدا في وجود روسيا على الأراضي السورية، فواشنطن لا تطمح في إنشاء قواعد عسكرية هناك ولا بوجود عسكري طويل الأمد، وهذا ما يجعل حرب بوتين في سوريا معدومة المخاطرة وكبيرة الجائزة، ولا يبدو في الأفق أي تحويل لتعامل الولايات المتحدة مع المسألة.  

روسيا تلعب الشطرنج في سوريا، والقول إن أمريكا تلعب لعبة الداما هنا فيه مبالغة أخلاقية وعسكرية وسياسية، الأصح القول إنها تلعب لعبة "تيك تاك تاو"!

*لعبة "تيك تاك تاو" تدور بين طرفين يتبادلان الأدوار..

ترجمة: ميساء آق بيق، بتصرف