Wednesday, January 7, 2015

(9)
النصر والحزن!
معركة كوسوفو التاريخية، نهاية حقبة


تزوج مراد في حياته خمس نساء، الأولى وهي والدة بايزيد يلديرم هي "كل جيجك خاتون" والثانية بنت ملك بلغاريا ماريا ثمارا، والثالثة باشا ملك، والرابعة بنت من آل جاندار، والخامسة بعد وفاة الأولى بنت والي بلغاريا.
وأنجب ستة ذكور هم بايزيد يلديرم، يعقوب جلبي، صاوجي بك، ابراهيم بك، ياهشي بك، وخليل بك، وثلاثا من الإناث هم أوزر، وسلطان، ونفيسة ملك سلطان..
وإضافة إلى أن مساحة الدولة العثمانية توسعت عشرات آلاف الكيلومترات المربعة، فقد تم أيضا في عهد مراد تصميم العلم العثماني بشكله وألوانه مستمرا منذ أكثر من ستة قرون حتى اليوم..


العلم التركي


أثناء حكم السلاطين الأوائل خفضت الضرائب أو كادت تنعدم، ولم يضطهد أي من أهل الذمة من غير المسلمين، ولم يجر الاستيلاء على أملاكهم أو أبنائهم أو بناتهم أو بيعهم، وكان الحكام "الباديشاه" غير جشعين فكل ما يدخل أيديهم ينفقونه دفعة واحدة، ولم يكونوا يعلمون شيئا عن الكنوز.
كما كان السلاطين خجولين أمام العلماء، وملتزمين بما يوعظون به من كلام الله، وكان العلماء يهجرون الحكام إذا لم يطيعوا كلامهم، وحين تقترف الرعية ذنبا يقف لهم العلماء والحكام بالمرصاد.. 
أحب العثمانيون سلاطينهم وأخلصوا لهم الوفاء، تعلقوا بهم إلى درجة التقديس أحيانا، لم يخطر ببال فرد خلال سبعة قرون الانقلاب على حكومته، لأن السلطان لم يكن يجرؤ على مخالفة الشرع، وكان يستفتي أولى الأمر المختصين بالأمور الدينية وسائر شؤون الدولة كي يحصل على رضاء الله تعالى وكسب تأييد الرعية..

كانت اللغة الفارسية هي اللغة الرسمية للدولة السلجوقية في بلاد الأناضول، إلا أن العثمانيين استخدموا اللغةالتركية لغة رسمية بدلا عن تلك، لكنهم لم يدرسوها للشعب بل كانت اللغة العربية هي السائدة.
وكان السلاطين والأمراء يجيدون اللغة العربية، اتخذوها وسيلة لتعلم الدراسات الإسلامية المنصوص عليها في نظام تربية الأمراء في القصر العثماني. وقد تأثر الأدب التركي بالأدب العربي كثيرا وكانت العلوم والآداب تدرس باللغة العربية.

اختلط الأتراك بسكان آسيا الوسطى واجتاحوا المدن وشرعوا بدعوة الناس إلى دين الإسلام، وأدخلوا في بنائهم السكاني كثيرا من الأقوام التي اختلطوا بها ومنحوها حقوق المواطنة كاملة ومنهم من ارتقى إلى أعلى المناصب..

كان السلطان هو القوة المؤثرة الأولى سياسيا وعسكريا، وكان مراد الأول قد تلقب بعد فتح أدرنة بخليفة الله، ثم تنازل الخليفة العباسي في القاهرة عن لقب الخليفة للسلطان سليم الأول لاحقا..

في هذه الأثناء، في الشرق رافق تيمورلنك ((راجع الحلقة 6)) الأمراء المتنفذين والقادة العسكريين
دولة تيمور لنك
وعمل على جمع قوة عسكرية تأتمر بأمره وبدأ نجمه بالسطوع عام 1360م 761هـ وقد اتصف بالذكاء والحكمة والشجاعة واشتهر بالمشاركة في حروب أهلية دارت في بخارى وهو في عمر الرابعة والعشرين.. استولى على الملك عام 1371م وشرع في غزوات عظيمة، ووجه قوته إلى بلاد فارس وأخضعها عام 1380م 782هـ، ثم دخل خراسان وبعدها طرد حاكم تبريز قرا محمد التركماني وفرض على أصفهان غرامة كبيرة لانتفاضتها على حكمه، واجتاز نهر الرس في بلاد ارمينية واستمر في حروب هائلة مدة ست سنوات قبل أن يدخل بلاد الهند ويستولي على دلهي ويذبح أعدادا كبيرة من الهنود فخضع له أمراء تلك المناطق، ووصل إلى الفولغا وموسكو ثم تحرك نحو العراق وأطراف الدولة المملوكية في حركة دائرية كما سيطر على بلاد الأفغان.
وهكذا استطاع تيمورلنك في سنوات معدودة أن يؤسس دولة واسعة الأرجاء تمتد من سهوب سمرقند إلى بلاد الأفغان والهند وإيران حتى بلاد أرمينا وكردستان، وبذلك يكون قد جاور الدولة العثمانية ودولة المماليك الثانية في مصر وبلاد الشام والحجاز، والدولة التركمانية القراقوينلو (الخراف السود) في شرق الاناضول.
قرر هذا القائد أن يخضع كافة الحكام في دولته ليدينوا بالولاء له، وادعى أن واجبه كمسلم مؤمن يحتم عليه توحيد العالم الإسلامي تحت رايته واضطهاد المسيحيين لكنه ارتكب أعمالا وحشية ضد المسلمين خلال حملاته.
كان عليه مواجهة السلطان العثماني بايزيد الأول ابن مراد الأول الذي كانت رسائله تثير غضبه لأنها تدل على عدم خضوعه له، لكنه قرر قبل الهجوم على الأناضول تأمين جناحه الأيسر بإخضاع بلاد الشام لأن حكامها المماليك وقفوا ضده.